كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومحل الشاهد منه قوله: أو ذا الواقع: أي يقدم خبر ذي الواقع المروي على خبر غيره كخبر ميمونة، مع خبر ابن عباس ومما يرجح به حديث أبي رافع على حديث ابن عباس: أن أبا رافع هو رسوله إليها يخطبها عليه، فهو مباشر للواقعة، وابن عباس ليس كذلك، وقد تقرر في الأصول ترجيح خبر الراوي المباشر، لما روى على خبر غيره، لأن المباشر لما روى أعرف بحاله من غيره، والأصوليون بمثلون له بخبر أبي رافع المذكور «أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال» قال: وكنت الرسول فيما بينهما، مع حديث ابن عباس المذكور «أنه تزوجها وهو محرم».
ومما يرجح به حديث ميمونة، وحديث أبي رافع معًا، على حديث ابن عباس: أن ميمونة، وأبا رافع كانا بالغين وقت تحمل الحديث المذكور، وابن عباس ليس ببالغ وقت التحمل. وقد تقرر في الأصول ترجيح خبر الراوي المتحمل بعد البلوغ على المتحمل قبله، لأن البالغ أضبط من الصبي لما تحمل، وللاختلاف في قبول خبر المتحمل، قبل البلوغ مع الاتفاق على قبول خبر المتحمل بعد البلوغ، وإن كان الراجح قبول خبر المتحمل قبل البلوغ إذا كان الأداء بعد البلوغ، لأن المتفق عليه أرجح من المختلف فيه، وإلى تقديم خبر الراوي المباشر على خبر غيره، وتقديم خبر المتحمل بعد البلوغ على خبر المتحمل قبله.
أشار في مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال الراوي بقوله عطافًا على ما يرجح أحد الخبرين:
أو كونه مباشرًا أو كلفا ** أو غير ذي اسمين للأمن من خفا

فإن قيل: يرجح حديث ابن عباس، بأنه اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما. ومعلوم أن ما اتفق عليه مسلم والبخاري، أرجح مما انفرد به مسلم، وهو حديث ميمونة، وأرجح مما أخرجه الترمذي وأحمد، وهو حديث أبي رافع.
فالجواب: أن غاية ما يفيده اتفاق الشيخين صحة الحديث، إلى ابن عباس، ونحن لو جزمنا بأنه قاله قطعًا لم يمنع ذلك من ترجيح حديث ميمونة وأبي رافع عليه، لأنهما أعلم بحال الواقعة منه، لأن ميمونة صاحبة الواقعة، وأبو رافع هو الرسول المباشر لذلك. فلنفرض أن ابن عباس قال ذلك، وأن أبا رافع وميمونة خالفا. اهـ. وهما أعلم بالحال منه، لأن لكل منهما تعلقًا خاصًا بنفس الواقعة ليس لابن عباس مثله.
ومن المرجحات التي رجح بها بعض العلماء: حديث تزوجه صلى الله عليه وسلم ميمونة، وهو حلال على حديث تزوجه إياها، وهو محرم: أن الأول: رواه أبو رافع، وميمونة. والثاني: رواه ابن عباس وحده، وما رواه الاثنان أرجح مما رواه الواحد كما هو مقرر في الأصول، وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار حال المروي:
وكثرة الدليل والرواية ** مرجح لدى ذوي الدراية

كما تقدم في سورة البقرة.
ولَكِن هذا الترجيح المذكور يرده ما ذكره ابن حجر في فتح الباري، ولفظه فالمشهور عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم» وصح نحوه عن عائشة وأبي هريرة. اهـ منه.
وعلى تقدير صحة ما ذكره ابن حجر فمن روى أن تزويجها في حالة الإحرام أكثر.
فإن قيل: يرجح حديثهم إذًا بالكثرة.
فالجواب: أنهم وإن كثروا فميمونة، وأبو رافع أعلم منهم بالواقعة كما تقدم، والمرجحات يرجح بعضها على بعض، وضابط ذلك عند الأصوليين هو قوة الظن، ومعلوم أن ما أخبرت به ميمونة رضي الله عنها عن نفسها، وأخبر به الرسول بينها، وبين زوجها صلى الله عليه وسلم الذي هو أبو رافع أقوى في ظن الصدق مما أخبر به غيرهما، وأشار في مراقي السعود إلى ما ذكرنا بقوله:
قطب رحاها قوة المظنة ** فهي لدى تعارض مئنه

ومن أقوى الأدلة الدالة على أن حديث ابن عباس، لا تنهض به الحجة، على جواز عقد النكاح في حال الإحرام هو: أنا لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو محرم، لم تكن في ذلك حجة على جواز ذلك بالنسبة إلى أمته صلى الله عليه وسلم، لأنه ثبت عنه في صحيح مسلم وغيره من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، ما يدل على منع النكاح في حال الإحرام وهو عام لجيمع الأمة. والأظهر دخوله هو صلى الله عليه وسلم في ذلك العموم، فإذا فعل فعلًا يخالف ذلك العموم المنصوص عليه بالقول، دل على أن ذلك الفعل خاص به صلى الله عليه وسلم لتحتم تخصيص ذلك العموم القولي بذلك الفعل. فيكون خاصًا به صلى الله عليه وسلم.
وقد تقرر في الأصول: أن النص القولي العام الذي يشمل النبي بظاهر عمومه لا بنص صريح، إذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلًا يخالفه كان ذلك الفعل مخصصًا لذلك العموم القولي، فيكون ذلك الفعل خاصًا به صلى الله عليه سولم. وقد أشار صاحب مراقي السعود إلى ذلك في كتاب السنة بقوله:
في حقه القول بفعل خصا ** إن يك فيه القول ليس نصا

فإن قيل: لا حجة في حديث عثمان المذكور في صحيح مسلم، على منع عقد النكاح في حال الإحرام، لأن المراد بالنكاح فيه وطء الزوجة، وهو حرام في حال الإحرام إجماعًا، وليس المراد به العقد.
فالجواب من أوجه:
الأول: أن في نفس الحديث قرينتين دالتين على أن المراد به عقد النكاح، لا الوطء. الأولى: أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المذكور «لا يَنْك المحرم ولا يُنْكَحُ» فقوله: «ولا يُنْكَحُ» بضم الياء، دليل على أن المراد: لا يزوج، ولا يمكن أن يكون المراد بذلك الوطء، لأن الولي إذا زوج قبل الإحرام، وطلب الزوج وطء زوجته في حال إحرام وليها، فعليه أن يمكنه من ذلك إجماعًا، فدل ذلك على أن المراد بقوله: ولا ينكح ليس الوطء بل التزويج كما هو ظاهر القرينة الثانية: أنه صلى الله عيه وسلم قال أيضًا: «ولا يخطب»، والمراد خطبة المرأة التي هي طلب تزويجها، وذلك دليل على أن المراد العقد، لأنه هو الذي يطلب بالخطبة، وليس من شأن وطء الزوجة أن يطلب بخطبة كما هو معلوم.
الوجه الثاني: أن أبان بن عثمان راوي الحديث وهو من أعلم الناس بمعناه، فسره بأن المراد بقوله: ولا ينكح: أي لا يزوج، لأن السبب الذي أورد فيه الحديث، هو أنه أرسل له عمر بن عبيدالله حين أراد أن يزوج ابنه طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير، فأنكر عليه ذلك أشد الإنكار وبين له أن حديث عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، دليل على منع عقد النكاح في حال الإحرام، ولم يعلم أنه أنكر عليه أحد تفسيره الحديث، بأن المراد بالنكاح فيه العقد لا الوطء.
الوجه الثالث: هو ما قدمنا من الأحاديث، والآثار الدالة على منع التزويج في حال الإحرام، كحديث ابن عمر، عند أحمد: أنه سئل عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل، وهو خارج من مكة: فأراد أن يعتمر أو يحج فقال: لا تتزوجها وأنت محرم. نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه. اهـ.
فتراه: صرح بأن النكاح المنهي عنه في الإحرام: التزويج.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار في حديث ابن عمر هذا: في إسناده أيوب بن عيينة، وهو ضعيف وقد وثق، وكالأثر الذي رواه مالك والبيهقي والدارقطني، عن أبي غطفان بن طريف: أن أباه طريفًا تزوج امرأة، وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه. اهـ.
وذلك دليل على أن عمر يفسر النكاح الممنوع في الإحرام بالتزويج ولا يخصه بالوطء. وقد روى البيهقي في السنن الكبرى بإسناده عن الحسن، عن علي قال: من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته.
وروى بإسناده أيضًا عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن عليًّا رضي الله عنه قال: لا ينكح المحرم، فإن نكح رد نكاحه. وروي بإسناده أيضًا عن شوذب مولى زيد بن ثابت: أنه تزوج، وهو محرم، ففرق بينهما زيد بن ثابت.
قال: وروينا في ذلك عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وروى بإسناده أيضًا عن قدامة بن موسى قال: تزوجت، وأنا محرم فسألت سعيد بن المسيب فقال: يفرق بينهما، وروي بإسناده أيضًا عن سعيد بن المسيب: أن رجلًا تزوج، وهو محرم فأجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما. اهـ.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي رجحانه بدليل هو أن إحرام أحد الزوجين أو الولي مانع من عقد النكاح لحديث عثمان الثابت في صحيح مسلم، ولما قدمنا من الآثار الدالة على ذلك، ولم يثبت في كتاب الله، ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يعارض ذلك الحديث. وحديث ابن عباس معارض بحديث ميمونة، وأبي رافع، وقد قدمنا لك أوجه ترجيحهما عليه. ولو فرضنا أن حديث ابن عباس، لم يعارضه معارض، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو محرم. فهذا فعل خاص لا يعارض عموما قوليًّا لوجوب تخصيص العموم القولي المذكور بذلك الفعل كما تقدم إيضاحه.
أما ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا ابن بشار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن رجل، عن سعيد بن المسيب قال: وَهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم. فلا تنهض به حجة على توهيم ابن عباس، لأن الراوي، عن سعيد، لم تعرف عينه كما ترى، وما احتج به كل واحد من المتنازعين في هذه المسألة من الأقيسة كقياس من أجاز النكاح في الإحرام، النكاح على شراء الأمة في الإحرام. لقصد الوطء، وكقياس من منعه النكاح في الإحرام على نكاح المعتدة بجامع أن كل منهما لا يعقبه جواز التلذذ كالوطء والقبلة تركناه وتركنا مناقشته، لأن هذه المسألة من السمائل المنصوصة فلا حاجة فيها إلى القياس، مع أن كل الأقيسة التي استدل بها الطرفان لا تنهض بها حجة.
فروع تتعلق بهذه المسألة:
التي هي ما يمتنع بالإحرام على المحرم حتى يحل من إحرامه:
الفرع الأول: اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي: أن المحرم يجوز له أن يرتجع مطلقته في حال الإحرام، لأن الرجعة ليست بنكاح مؤتنف لأنها لا يحتاج فيها إلى عقد، ولا صداق، ولا إلى إذن الولي ولا الزوجة فلا تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَنْكح المحرم ولا يُنْكح» وجواز الرجعة في الإحرام هو قول جمهور أهل العلم منهم: الأئمة الثلاثة، وأصحابهم: مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وهو إحدى الروايتين، عن الإمام أحمد، وعزاه النووي في شرح المهذب لعامة العلماء إلا رواية عن الإمام أحمد.
وقال ابن قدامة في المغني في شرحه قول الخرقي: وللمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع، ويرتجع امرأته ما نصه:
فأما الرجعة: فالمشهور إباحتها، وهو قول أكثر أهل العلم، وفيه رواية ثانية أنها لا تباح. إلى أن قال: وجه الرواية الصحيحة: أن الرجعية زوجة والرجعة إمساك بدليل قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] فأبيح ذلك كالإمساك قبل الطلاق. انتهى محل الغرض منه.
وقال مالك في الموطأ في الرجل المحرم: أنه يراجع امرأته، إذا كانت في عدة منه. وذكر النووي عن الخراسانيين من الشافعية وجهين، أصحهما: جواز الرجعة، والثاني: منعها في الإحرام.
الفرع الثاني: اعلم أن التحقيق أن الولي إذا وكل وكيلًا على تزويج وليته، فلا يجوز لذلك الوكيل تزويجها بالوكالة في حالة إحرامه، لأنه يدخل في عموم الحديث المذكور، وكذلك وكيل الزوج.
الفرع الثالث: اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي: أن السلطان لا يجوز له أن يزوج بالولاية العامة في حال إحرامه، لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَنكح المحرم ولا يُنكح» فلا يجوز إخراج السلطان من هذا العموم، إلا بدليل خاص به من كتاب أو سنة، ولم يرد بذلك دليل، فالتحقيق منع تزويجه في الإحرام وهو قول جمهور العلماء خلافًا لبعض الشافعية القائلين: يجوز ذلك للسلطان، ولا دليل معهم من كتاب ولا سنة، وإنما يحتجون بأن الولاية العامة أقوى من الولاية الخاصة. بدليل أن الولي المسلم الخاص، لا يزوج الكافرة بخلاف السلطان، فله عندهم أن يزوج الكافرة بالولاية العامة.
الفرع الرابع: اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي: أن للشاهد المحرم، أن يشهد على عقد نكاح، لأن الشاهد لا يتناوله حديث: «لا ينكح المحرم ولا ينكح» لأن عقد النكاح بالإيجاب والقبول والشاهد لا صنع له في ذلك، وخالف في ذلك أبو سعيد الاصطخري من الشافعية، قائلًا: إن شهادة الشاهد ركن في العقد، فلم تجز في حال الإحرام كالولي، وكره بعض أهل العلم للمحرم أن يشهد على النكاح.
الفرع الخامس: الأظهر عندي: أن المحرم لا يجوز له أن يخطب امرأة، وكذلك المحرمة، لا يجوز للرجل خطبتها لما تقدم من حديث عثمان، عند مسلم: «لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب» فالظاهر أن حرمة الخطبة كحرمة النكاح، لأن الصيغة فيهما متحدة، فالحكم بحرمة أحدهما دون الآخر، يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل عليه. والظاهر من الحديث حرمة النكاح وحرمة وسيلته التي هي الخطبة كما تحرم خطبة المعتدة.
وبه تعلم أن ما ذكره كثير من أهل العلم من أن الخطبة لا تحرم في الإحرام، وإنما تكره أنه خلاف الظاهر من النص ولا دليل عليه، وما استدل به بعض أهل العلم من الشافعية وغيرهم: على أن المتعاطفين قد يكون أحدهما مخالفًا لحكم الآخر كقوله تعالى: {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] الآية. قالوا: الأكل مباح وإيتاء الحق واجب، لا دليل فيه، لأن الأمر بالأكل معلوم أنه ليس للوجوب، بخلاف قوله في الحديث: «ولا يخطب» فلا دليل على أنه ليس للتحريم كقوله قبله «لا ينكح المحرم».
الفرع السادس: إذا وقع عقد النكاح في حال إحرام أحد الزوجين أو الولي، فالعقد فاسد، ولا يحتاج إفى فسخه بطلاق، كما هو ظاهر الآثار التي قدمنا، ومذهب مالك وأحمد: أنه يفسخ بطلاق مراعاة لقول من أجازه كأبي حنيفة ومن تقدم ذكرهم.
الفرع السابع: أظهر قولي أهل العلم عندي: أنه إذا وكل حلال حلالًا في التزويج، ثم أحرم أحدهما أو المرأة أن الوكالة لا تنفسخ بذلك، بل له أن يُزَوِّج بعد التحلل بالوكالة السابقة خلافًا لمن قال تنفسخ الوكالة بذلك، والتحقيق أن الوكيل إذا كان حلالًا والموكل محرمًا فليس للوكيل الحلال عقد النكاح، قبل تحلل موكله خلافًا لمن حكى وجهًا بجواز ذلك، ولا شك أن تجويز ذلك غلط.
الفرع الثامن: اعلم أنا قدمنا في أول الكلام على هذه المسألة: أن الإحرام يحرم بسببه على المحرم وطء امرأته في الفرج، ومباشرتها فيما دون الفرج لقوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج} [البقرة: 197] وقد قدمنا أن الرفث شامل للجماع، ومقدماته. وقد أردنا في هذا الفرع أن نبين ما يلزمه لو فعل شيئًا من ذلك، ولا خلاف بين أهل العلم: أن المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات: أن حجه يفسد بذلك، ولا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام، إلا الجماع خاصة، وإذا فسد حجة بجماعه قبل الوقوف بعرفات: فعليه إتمام حجه هذا الذي أفسده عليه قضاء الحج، وعليه الهدي، وهو عند مالك، والشافعي، وأحمد، وجماعات من الصحابة بدنة، وقال أبو حنيفة: عليه شاة، وقال داود: هو مخير بين بدنة وبقرة وشاة، فإن كل جماعه بعد الوقوف بعرفات، وقبل رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة فحجه فاسد عند مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله.